
ويُمثل هذا التراجع علامة فارقة في مسار مكافحة التضخم، حيث يُعد أكبر من التوقعات التي كانت تشير إلى انخفاض طفيف إلى 32.8%. وعلى صعيد التغيرات الشهرية، فقد شهدت الأسعار ارتفاعًا بنسبة 1.1% في أبريل، مقارنة بـ 1% في مارس.
ويُعزى هذا التحسن جزئيًا إلى تراجع أسعار المواد الغذائية بنسبة 0.9% على أساس شهري، بينما لا تزال مرتفعة بنسبة 40.5% على أساس سنوي.
يأتي هذا التطور الإيجابي في أعقاب اتخاذ البنك المركزي المصري خطوات حاسمة لكبح جماح التضخم المتزايد، حيث قام برفع أسعار الفائدة بشكل كبير 600 نقطة أساس في مارس. تزامن ذلك مع حصول مصر على حزمة دعم مالي بقيمة 8 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، سمح بموجبه البنك المركزي بانخفاض قيمة الجنيه المصري.
وتعهدت مصر في اتفاقها مع صندوق النقد الدولي بمواصلة اتباع سياسة نقدية صارمة إذا لزم الأمر، وذلك لحماية القوة الشرائية للأسر المصرية من التآكل.
كما قامت الحكومة المصرية برفع أسعار أنواع مختلفة من المحروقات في مارس الماضي، كجزء من التزاماتها مع الصندوق.
يُذكر أن العام الماضي قد شهد ارتفاعًا مطردًا في معدلات التضخم، مدفوعًا بشكل أساسي بالنمو السريع في المعروض النقدي.
وتُشير هذه المؤشرات الأخيرة إلى التزام مصر القوي بمكافحة التضخم وتحقيق الاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل.
ومع ذلك، لا تزال هناك بعض التحديات التي تواجهها مصر في هذا الصدد.
ففي حين أن انخفاض التضخم يُعد خطوة إيجابية، إلا أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية على أساس سنوي يُشكل عبئًا على الأسر المصرية، خاصةً الفئات ذات الدخل المحدود.
كما أن استمرار اتباع سياسة نقدية صارمة قد يُؤثر سلبًا على معدلات النمو الاقتصادي.
لذلك، تُواجه مصر مهمة صعبة تتمثل في تحقيق التوازن بين مكافحة التضخم وتحفيز النمو الاقتصادي.
سيتطلب ذلك استمرار التنسيق بين السياسة النقدية والمالية، بالإضافة إلى اتخاذ إجراءات إصلاحية تُساهم في تحسين كفاءة القطاعات الاقتصادية المختلفة.