شهدت أسواق النفط في الأسبوع الماضي تراجعًا ملحوظًا في الأسعار، حيث انخفضت أسعار خام برنت وعقود غرب تكساس الوسيط الآجلة بشكل ملحوظ. ويعود هذا التراجع إلى عدة عوامل، أهمها:
• خفض وكالة الطاقة الدولية توقعاتها لنمو الطلب على النفط: حيث قامت الوكالة بتخفيض توقعاتها لنمو الطلب على النفط لعام 2024 بمقدار 130 ألف برميل يوميًا إلى 1.2 مليون برميل يوميًا. وعزت الوكالة ذلك إلى عدة عوامل، منها الاستهلاك الأقل من المتوقع في دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، وتراجع نشاط المصانع، وانتهاء تأثير تخفيف قيود كوفيد-19 في الصين على الطلب.
• تراجع الطلب على وقود التدفئة: أدى الطقس الدافئ على غير المعتاد في أواخر الشتاء إلى تقليص استخدام وقود التدفئة في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، مما أثر سلبًا على الطلب على النفط.
• استمرار الركود في قطاع الصناعة: يعاني قطاع الصناعة في الاقتصادات المتقدمة من ركود طويل الأمد، مما أدى إلى خفض الطلب على الوقود الصناعي، وبالتالي انخفاض أسعار النفط.
• تقليص أطراف السوق لعلاوات المخاطر: مع تراجع حدة التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، قام أطراف السوق بتقليص علاوات المخاطر المضافة إلى أسعار النفط، مما أدى إلى انخفاضها.
• ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي: أدى ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي مقابل العملات الأخرى إلى زيادة تكلفة شراء النفط بالنسبة للدول التي لا تستخدم الدولار في معاملاتها، مما أدى إلى تراجع الطلب عليه وانخفاض أسعاره.
هل انتهى عصر الارتفاعات؟
يُطرح التساؤل حول ما إذا كان هذا التراجع في أسعار النفط مؤقتًا أم أنه يشير إلى نهاية عصر الارتفاعات التي شهدتها الأسواق في الفترة الماضية.
يرجح بعض المحللين أن التراجع الحالي قد يكون مؤقتًا وأن أسعار النفط قد تعود إلى الارتفاع مرة أخرى في المدى المتوسط طويل الأجل، وذلك بدعم من عوامل مثل:
- استمرار نمو الطلب على النفط في الدول النامية: على الرغم من التباطؤ في الطلب في الدول المتقدمة، إلا أن الطلب على النفط في الدول النامية من المتوقع أن يستمر في النمو، مدفوعًا بنمو الاقتصادات وارتفاع مستويات المعيشة.
- ازدياد الاهتمام بمصادر الطاقة البديلة: قد يؤدي ازدياد الاهتمام بمصادر الطاقة البديلة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، إلى خفض الطلب على النفط في المستقبل، إلا أن ذلك قد يستغرق بعض الوقت.
- التوترات الجيوسياسية: لا تزال التوترات الجيوسياسية موجودة في العديد من مناطق العالم، مثل الشرق الأوسط وأوكرانيا، وقد تؤدي هذه التوترات إلى حدوث اضطرابات في إمدادات النفط، مما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعاره.
ومع ذلك، يرى محللون آخرون أن عصر الارتفاعات في أسعار النفط قد انتهى بالفعل، وأن الأسعار ستستمر في الانخفاض أو تتراوح في نطاق ضيق في المستقبل، وذلك بدعم من عوامل مثل:
- زيادة كفاءة استخدام الطاقة: تعمل الدول على زيادة كفاءة استخدام الطاقة من خلال تحسين تقنيات الإنتاج والاستهلاك، مما قد يؤدي إلى خفض الطلب على النفط.
- ظهور مصادر جديدة للطاقة: يتم اكتشاف وتطوير مصادر جديدة للطاقة، مثل الغاز الصخري، مما قد يؤدي إلى زيادة المعروض من الطاقة وخفض أسعارها.
- التغيرات المناخية: تُبذل الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ، وقد تؤدي هذه الجهود إلى خفض الاعتماد على الوقود الأحفوري، مثل النفط، لصالح مصادر الطاقة المتجددة.
في الختام، لا يمكن الجزم بشكل قاطع ما إذا كان عصر الارتفاعات في أسعار النفط قد انتهى بالفعل. فالمستقبل يعتمد على العديد من العوامل، بعضها قد يدعم ارتفاع الأسعار، والبعض الآخر قد يدفعها إلى الانخفاض.
ومع ذلك، يمكن القول أن أسواق النفط تمر حاليًا بفترة من عدم اليقين. حيث تواجه العديد من التحديات، مثل تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، وازدياد الاهتمام بمصادر الطاقة البديلة، والتوترات الجيوسياسية.
وإلى جانب ذلك، هناك بعض العوامل التي قد تدعم استقرار أسعار النفط أو حتى ارتفاعها في المستقبل، مثل:
- استمرار نمو الطلب على النفط في الدول النامية.
- زيادة الاستثمارات في مشاريع استخراج النفط والغاز.
- حدوث اضطرابات في إمدادات النفط بسبب الأحداث الجيوسياسية.