جدول المحتويات
في عالم مليء بالتحديات القانونية والشرعية، يثير موضوع ميراث التوائم الملتصقة تساؤلات مهمة تتعلق بالميراث وكيفية توزيعه. فهل يُعتبر هؤلاء التوائم وارثين، أم يُعتبرون موروثين بطريقة مختلفة؟ جاءت دار الإفتاء لتقدم توضيحات مهمة حول هذا الموضوع الحساس.
في هذا المقال، سنسلط الضوء على توضيحات دار الإفتاء المصرية بخصوص كيفية ميراث التوائم الملتصقة، ونوضح الأحكام الشرعية المتعلقة بهم بناءً على ما جاء في الفتاوى.
مفهوم ميراث التوائم الملتصقة
التوائم الملتصقة هما طفلان يولدان مرتبطين ببعضهما جسديًا بشكل غير طبيعي. وقد يكون الاتصال بينهما في مناطق مختلفة من الجسد مثل الرأس أو الصدر أو البطن. بعض التوائم الملتصقة يمكن فصلهما جراحيًا، والبعض الآخر لا يمكن فصلهما دون تعريض حياتهما للخطر. وهذا الاتصال الجسدي يثير تساؤلات فقهية خاصة حول كيفية التعامل معهما في مسائل الميراث.
حكم دار الإفتاء بشأن ميراث التوائم الملتصقة
أوضح الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية السابق، الرأي الشرعي حول مسألة ميراث التوائم الملتصقة عبر بوابة دار الإفتاء الرسمية. وأشار إلى أنه إذا كانت من النوع الطفيلي – وهو الحالة التي يكون فيها جسد واحد ينمو بشكل طبيعي مع وجود أعضاء أو زوائد إضافية، لكنها تفتقر لمقومات الحياة بشكل مستقل – أو من النوع شبه المكتمل – حيث يشتركان في أحد مقومات الحياة كالمخ أو القلب ولا يمكن لأحدهما العيش دون الآخر – فإنهما يُعاملان في الحالتين معاملة الشخص الواحد في الميراث. ولا يتم الالتفات إلى الزوائد أو الأعضاء التي تفتقد القدرة على الحياة المستقلة. أما في حالة التوائم المكتملة، التي يستطيع كل منهما الاستقلال بحياته إذا تم فصلهما، فيُعتبران شخصين منفصلين في الميراث، ويحق لهما نصيب شخصين كاملين إذا توفي مورثهما.
الحالة الأولى: اعتبارهما شخصين مستقلين
إذا كان التوائم الملتصقة لكل منهما أعضاؤه الحيوية المستقلة (مثل القلب والدماغ)، ويعيشان حياتهما بشكل مستقل رغم ارتباطهما الجسدي، يتم التعامل معهما في الميراث كشخصين منفصلين. وبناءً على ذلك:
لكل توأم نصيبه الخاص في الميراث وفقاً لما تحدده الشريعة الإسلامية.
في حالة وفاة أحدهما، يُعتبر الميراث محصورًا في الشخص المتوفى، ويُوزع نصيبه على الورثة الشرعيين وفقاً للأحكام الفقهية المعروفة.
كما يمكن تطبيق قواعد الحجب والتقديم بين الورثة إذا كان هناك تنافس بين التوأمين وورثة آخرين.
الحالة الثانية: اعتبارهما شخصًا واحدًا
في بعض الحالات، قد يكون التوائم الملتصقة متصلين بشكل يجعلهما يتشاركان في الأعضاء الحيوية مثل القلب أو الدماغ. في هذه الحالة، أكدت دار الإفتاء المصرية أنهما يُعتبران شخصًا واحدًا من الناحية الفقهية، وبالتالي:
يتم حساب الميراث على أساس أنهما شخص واحد.
إذا توفي أحدهما، فلا يتم توزيع الميراث بشكل منفصل عن الآخر، بل يُعاملان كوحدة واحدة في توزيع التركة.
لا يتأثر نصيب الورثة الشرعيين إلا وفقًا للقواعد الشرعية المعتادة كما لو أن المتوفى شخص عادي.
كيف يتم التحقق من الوضع الشرعي؟
أشارت دار الإفتاء المصرية إلى أن تحديد الوضع النهائي لميراث التوائم الملتصقة يحتاج إلى تقرير طبي دقيق يوضح مدى استقلالية كل منهما عن الآخر. التقرير الطبي يحدد:
- هل لكل توأم دماغه المستقل؟
- هل كل منهما قادر على العيش بشكل مستقل إذا تم الفصل الجراحي؟
- هل يشتركان في الأعضاء الحيوية مثل القلب أو الرئتين؟
بناءً على هذا التقرير، يصدر الحكم الشرعي حول كيفية توزيع الميراث، وتحديد ما إذا كان التوأمان يُعتبران شخصًا واحدًا أو شخصين.
حكم التوائم الملتصقة باعتبارهم موروثين
في حال كانت التوائم الملتصقة موروثة (أي المتوفاة)، يجب النظر إلى نفس النقطة المتعلقة باستقلال كل توأم عن الآخر:
إذا كان كل توأم له حياته المستقلة (حتى وإن كانا ملتصقين جسديًا)، فإن وفاتهما تعني توزيع ميراث كل منهما على حدة.
أما إذا كان التوأمان يعيشان كوحدة واحدة ولا يمكن فصلهما، فيتم اعتبار وفاتهما كوفاة شخص واحد. وبالتالي يُعاملان وكأنهما شخص واحد في تقسيم التركة.
الأحكام الأخرى المتعلقة بالتوائم الملتصقة
إلى جانب مسألة الميراث، هناك بعض الأحكام الشرعية الأخرى التي قد ترتبط بالتوائم الملتصقة:
حكم الصلاة والجنازة: إذا توفي أحد التوائم الملتصقة، يُصلى عليه كفرد مستقل إذا كان له عقله وحياته المستقلة. أما إذا كان التوأمان يعتبران جسدًا واحدًا، فقد تُصلى عليهما صلاة واحدة.
حكم الزواج: في حالة التوائم الملتصقة المستقلة تمامًا، يُسمح لكل توأم بالزواج بشكل منفصل، طالما أن لكل منهما القدرة على الاستقلال في حياته الزوجية.
الحياة اليومية والحقوق: إذا كانت التوائم الملتصقة مستقلة، فإن لكل منهما حقوقه الخاصة، سواء في الميراث أو التصرفات المالية أو الأمور الشخصية الأخرى.
الخلاصه
ختامًا، يمكن القول إن أحكام ميراث التوائم الملتصقة تعتمد بشكل كبير على مدى استقلالية كل توأم عن الآخر. إذا كان كل منهما يعتبر شخصًا مستقلاً من الناحية العقلية والجسدية، فإن لهما حقوقًا وواجباتٍ منفصلة في الميراث،
تُعد مسألة ميراث التوائم الملتصقة من المسائل الدقيقة في الفقه الإسلامي، والتي تحتاج إلى تحقيق طبي وشرعي دقيقين. أوضحت دار الإفتاء المصرية أن الحكم يعتمد على درجة استقلال كل توأم عن الآخر، وفي حالة تأكيد استقلالهما، يتم التعامل معهما كشخصين منفصلين في الميراث، بينما إذا تبين أنهما يشكلان وحدة واحدة، فإنهما يُعتبران شخصًا واحدًا من الناحية الشرعية.يتطلب هذا النوع من الحالات الفقهية تعاونًا وثيقًا بين الأطباء والفقهاء لضمان توزيع الميراث بشكل عادل يتوافق مع الشريعة الإسلامية. من المهم أن يتم تقديم التقرير الطبي المناسب في هذه الحالات لضمان تطبيق الأحكام الفقهية بشكل صحيح، وتحقيق العدالة بين جميع الورثة بما يتفق مع تعاليم الدين الإسلامي.